الميليشيات الموالية لإيران في سوريا: صورة الأوضاع
في سوريا، التي تشكل المركز الجغرافي للمحور الراديكالي الذي تقوده إيران، فإن الميليشيات الموالية لإيران، والتي تم جلب بعضها من قبل إيران وبعضها تم إنشاؤه على أساس السكان المحليين بمبادرة من الحرس الثوري الإيراني، لتحقق غرضًا مركزيًا واحدًا ألا وهو ضمان استمرار حكم الرئيس بشار الأسد، بحجة حماية الأماكن المقدسة للشيعة. منذ حسم الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في عام 2011 بانتصار الأسد، تستمر محاولاته الرامية لزيادة استقرار مؤسسات الدولة وإعادة بناء الجيش، تُستخدم الميليشيات الموالية لإيران كأداة إضافية لترسيخ الاستراتيجية الإيرانية في سوريا ولبنان.
يبلغ عدد أفراد الميليشيات الموالية لإيران حاليًا أكثر من 60,000 عنصر الذين ينتشرون في عدد من البؤر، وأهمها: على طول نهر الفرات، في مدينة حلب وضواحيها، في عمق الصحراء السورية، في منطقة دمشق وفي جنوب الدولة. يدور الحديث عن الميليشيات الشيعية الآسيوية، التي تُعتبر "قوة داعمة". إلى جانبها يتم تجنيد القوات المحلية، التي تشكل الجزء الأكبر من مجموعة الميليشيات الموالية لإيران في إطار مما يسمى "قوات الدفاع المحلية".
إن وجود الميليشيات الموالية لإيران ملحوظ بشكل خاص في شرق سوريا وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية بالغة لدرجة أن البعض يسميها " مستعمرة إيرانية". يدور الحديث عن ممر بري يُستخدم لنقل الوسائل القتالية من إيران، عبر العراق، إلى سوريا ومنها إلى لبنان، إلى جانب الجهود الرامية إلى التعاظم من خلال الإنتاج المحلي. يهدف التواجد في الصحراء السورية في المقام الأول إلى تأمين المنشآت الحيوية من هجمات داعش، في حين يتميز التواجد في منطقة حلب وجنوبي دمشق إلى حد كبير بالصلة التي حاكتها الميليشيات الموالية لإيران مع المجتمعات السورية المحلية.
منذ منتصف عام 2021، وبشكل خاص منذ أوائل عام 2022، وسعت الميليشيات الموالية لإيران مناطق انتشارها في سوريا. يرجح أن بعض التغييرات على انتشار القوات التي شوهدت في شرق الدولة وجنوبها ترجع إلى تقليص الوجود الروسي في المنطقة[1] ومحاولات الميليشيات تفادي الهجمات الإسرائيلية والأمريكية.
من بين جميع الميليشيات وعناصر القوة العاملة في سوريا تحت الرعاية الإيرانية، يشكل حزب الله اللبناني التهديد العسكري التقليدي الأكبر بالنسبة لإسرائيل. يستثمر عناصر التنظيم في سوريا جهودًا لبناء منظومة لجمع المعلومات الاستخباراتية بمحاذاة الحدود في مرتفعات الجولان والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى أن تكون بمثابة بنية تحتية للتخطيط للعمليات الإرهابية وفقًا لسياسة إيران، التي تسعى إلى الحفاظ على "محور المقاومة" الذي يهدد إسرائيل من خلال المنظمات العاملة بالوكالة عنها (Proxies).
إن تواجد الميليشيات الموالية لإيران في سوريا هو جزء من التدخل الإيراني الشامل في سوريا، والذي يهدف إلى زيادة نفوذها وتموضعها في الدولة، وضمان استمرار اعتماد سوريا على إيران، وترسيخ موطئ قدم أمامي لإيران في منطقة الشام، بالإضافة إلى دعمها المطلق لمنظمة حزب الله في لبنان.
قراءة المزيد...