عام
1. ارتكب داعش مساء 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 سلسلة من الاعتداءات في باريس، شملت ست ساحات مختلفة للقتال وشاركت فيها ثلاث مجموعات بلغ مجموع أفرادها 8 إرهابيين. وأعلن المدعي العام لباريس عن مقتل ما لا يقل عن 132 شخصا في سلسلة الاعتداءات (تم حتى الآن التعرف على 103 منهم). وبلغ عدد الجرحى 352 جريحا جروح 99 منهم بين بالغة وقاتلة. وهذا أخطر هجوم إرهابي عرفته فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية (ويعتبره الفرنسيون حدثا تأسيسيا)، وأكبر عملية قتل جماعي ارتكبها داعش في الدول الغربية. وأعلن داعش مسؤوليته عن الاعتداءات مطلقا حملة إعلامية حذر فيها فرنسا والدول الغربية من تنفيذه للمزيد من هذه الأعمال.
2. وفي تقديرنا أن سلسلة اعتداءات داعش الإرهابية في باريس تمثل خروجا عن أنماط عمله في الدول الغربية كما عرفت حتى الآن، إذ كانت اعتداءات داعش الإرهابية منذ بدء هجمات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حتى الآن تتميز أساسا ب "البساطة" من الناحية العملياتية، وكان ينفذها في معظم الحالات أفراد كانوا متضامنين مع داعش ومستلهمين به ولكنهم لم يكونوا موجهين منه. أما الاعتداءات الأخيرة في باريس، فيبدو أنها كانت مخططا لها وموجهة من مسؤولي داعش في سوريا، إذ كان مثل هذه السلسلة من الاعتداءات يستوجب تفكيرا عملياتيا مختلفا وتنظيما عملياتيا ولوجستيا واستخباريا مسبقا كانت بلجيكا تمثل مركزه اللوجستي.
3. ومن منظور داعش تعتبر اعتداءات باريس نجاحا عسكريا وإعلاميا ينضم إلى نجاحين سابقين هما الاعتداء الانتحاري في بيروت الخاضعة لسيطرة حزب الله (43 قتيلا) وإسقاط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء (224 قتيلا)، حيث تجسد هذه العمليات الإرهابية الفتاكة الثلاث المتوالية والممتدة على فترة قصيرة نسبيا من أسبوعين، قدرة داعش العملياتية على تنفيذ عمليات معقدة في ساحات متباينة بعيدة عن معاقله في سوريا والعراق، وهي نجاحات قد تحض داعش في تقديرنا على ارتكاب المزيد من الاعتداءات الفتاكة على مختلف أعدائه وبهدف محاولة ردعهم وتقليص ما يمارسون عليه من ضغوط في مختلف ساحات القتال في كل من سوريا والعراق. |
مراكز الاعتداءات في باريس
4. قام بتنفيذ اعتداءات باريس ثمانية إرهابيين كانوا موزعين على ثلاثة طواقم في ست ساحات في وسط باريس وشمالها. وفيما يلي صورة الوضع الماثلة أمامنا في الساحات الست المشار إليها:
أ. مسرح باتكلان (Bataclan): هو الساحة الرئيسية للاعتداءات، حيث عمل فيه ثلاثة إرهابيين مسلحين اقتحموا في العاشرة إلا ثلثا مساءً قاعة كانت تقام فيه حفلة لموسيقى الروك، وبدأوا في إطلاق النار على الحشد الغفير من المستمعين. وفي الساعة 12:20 ليلا (أي بعد بدء الاعتداء بوقت طويل نسبيا) داهمت المكان قوة من الشرطة الفرنسية، فأقدم إرهابيان على تفجير نفسيهما بواسطة أحزمة ناسفة وأصيب الثالث برصاص الشرطة. وبلغ مجموع القتلى في مسرح باتكلان 88 قتيلا وأصيب المئات بجروح (lefigaro.fr, lemonde.fe, 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
ب. ستاد دو فرانس (Stade De France)، وهو إستاد يقع في حي سان دوني شمال باريس: عمل فيه ثلاثة إرهابيين انتحاريين، وكانوا اقتنوا تذاكر الدخول لمباراة كرة القدم (جميعهم أو بعضهم)، حيث كانت تقام مباراة ودية بين فرنسا وألمانيا بحضور الرئيس الفرنسي، ولكن حراس الأمن رفضوا دخولهم، ففجروا أنفسهم خارج الإستاد. وفي التاسعة والثلث سمع دوي انفجار في شارع جول ريميه المجاور للإستاد، ثم فجر نفسه في التاسعة والنصف إرهابي آخر كان يرتدي حزاما ناسفا عند بوابة الإستاد، وفي الساعة 21:23 فجر إرهابي ثالث نفسه بواسطة حزام ناسف. وكان الانفجار الأول أسفر عن مقتل شخص واحد.
ت. نفذ إرهابيان كانا قد وصلا إلى مشاهد الاعتداءات في مركز باريس مستقلين سيارة سوداء من نوع سيات ثلاث عمليات إطلاق رصاص وأخرى انتحارية في المواقع الآتية:
1) تقاطع شارعي أليبير وبيشا في الحي العاشر، حيث وصل في الساعة 21:25 بعض الإرهابيين إلى مطعم "لو كريون" وراحوا يطلقون الرصاص من بنادق الكلاشنكوف على المطعم وعلى مطعم آخر يدعى "كمبوديا"، حيث قتل 15 شخصا وجرح عشرة آخرون.
2) شارع شارون: وصلا عدد من الإرهابيين في الساعة 21:36 بسيارة سوداء من نوع سيات إلى منطقة مطعم "بيل إكيب"وراحوا يطلقون الرصاص فقتل 19 شخصا.
3) شارع لا فونتين أو روا في الحي 11: وصل في الساعة 21:32 إرهابيون بسيارة سوداء من نوع سيات إلى حانة "ألا بون بيير" وفتحوا النار ليلقى خمسة أشخاص حتفهم.
4) جادة فولتير: فجر إرهابي انتحاري نفسه عند مطعم "كونتوار فولتير" بالحي 11، ولم تقع إصابات.
مشاهد الاعتداءات الإرهابية في وسط باريس والإستاد الواقع شمالها twitter.com)).ورغم أن الخارطة تظهر سبعة مواقع، ولكن يبدو لنا أن عددها بلغ ستة فقط.
معلومات أولية حول طريقة تنفيذ الهجوم الإرهابي
5. شارك في اعتداءات باريس الإرهابية ثمانية إرهابيين، قتل سبعة منهم خلال تنفيذ الاعتداءات في مختلف المواقع، فيما تمكن إرهابي آخر من الهروب. وقد فجر ستة إرهابيين أنفسهم بالأحزمة الناسفة، وقام بعضهم بإطلاق الرصاص من بنادق الكلاشنكوف قبل أن يفجروا أنفسهم، فيما قتل آخر برصاص الشرطة الفرنسية.
6. وكان ما لا يقل عن ثلاثة من مرتكبي الاعتداءات فرنسيين، حيث كان عدد منهم يقيمون في سوريا ويعملون في صفوف داعش. ويبدو لنا أنهم أرسلوا من سوريا إلى فرنسا خصيصا لارتكاب الاعتداءات (وقد مر واحد منهم على الأقل، وهو من الانتحاريين، بالأراضي التركية وانضم إلى اللاجئين السوريين الذين انتقلوا من اليونان إلى وسط أوروبا وغربها). وفي تقديرنا أن الاعتداءات نفذت من خلال تخطيط وتوجيه ودعم من تنظيم داعش في سوريا. وتضمن خبر من مصادر استخبارية عراقية لم يعرف مدى صحته، أن تخطيط الاعتداءات جرى في الرقة، "عاصمة" داعش في سوريا (أسوشيتد برس، 15 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
7. ويستشف من المعلومات المنشورة حتى الآن أن منفذي الاعتداءات استعانوا بقاعدة لوجستية لهم في بلجيكا (انظر أدناه) وشبكة من الأعوان في فرنسا نفسها. ويبدو أن قوات الأمن الفرنسية تعمل حاليا على الكشف عن هذه الشبكة، حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسية عن تنفيذ حملة من الاعتقالات في أنحاء فرنسا ليلة 15-16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015، اعتقل خلالها 23 من المشتبه بهم بالعمل الإرهابي ووضع 104 أشخاص آخرين تحت الإقامة الجبرية. وقال الرئيس الفرنسي خلال الخطاب الذي ألقاه في مجلس النواب في 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015، إن الاعتداءات تم التخطيط لها في سريا، فيما تم التنظيم في بلجيكا والإعداد على الأراضي الفرنسية.
8. وفيما يلي معلومات أولية تتعلق بطريقة تنفيذ الاعتداءات، تعتمد على تقارير المدعي العام لباريس ومعلومات نشرها الإعلام الفرنسي والعالمي:
أ. ذكر المدعي الفرنسي أن سبعة إرهابيين قتلوا خلال الاعتداءات، كانوا يعملون في إطار ثلاثة "طواقم إرهابية تعمل بالتنسيق". وتمكن إرهابي ثامن شارك في الهجوم الإرهابي من الفرار وتجري حاليا حملة لإلقاء القبض عليه. وكان أفراد الطواقم الثلاثة التي نفذ أعضاؤها الإرهابيون سلسلة الاعتداءات مزودين بنفس النوع من السلاح ويرتدون الأحزمة الناسفة من نفس النوع. وذكر "مصدر في الشرطة" لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن الفاعلين كانوا شبابا مدربين جيدا عملوا مكشوفي الرأس وكانوا يرتدون البنطلونات الجينز والأحذية الرياضية (وكالة الصحافة الفرنسية، 15 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
ب. تعرف المحققون بواسطة الكاميرات وأشرطة الفيديو على سيارتين استخدمهما الإرهابيون، أولاهما سيارة "سيات" سوداء عثر عليها في مونتروي وبداخلها ثلاث بنادق كلاشنكوف، وسيارة بولو سوداء مسجلة في بلجيكا. وكانت أربعة اعتداءات قد نفذت بواسطة السيارة السيات وذلك في وسط باريس كما جاء أعلاه بالتفصيل. أما السيارة من نوع بولو، فقد عثر فيها بعد الاعتداء على ثلاث بنادق كلاشنكوف وتم بواسطتها تنفيذ الاعتداء في مسرح باتكلان.
بلجيكا كقاعدة لوجستية لاعتداءات باريس
9. كانت بلجيكا قاعدة لوجستية للمجموعة الإرهابية التي ارتكبت اعتداءات باريس، وقد تم في أعقاب هذه الاعتداءات اعتقال ما بين 5-7 أشخاص في بلجيكا، يبدو أن معظمهم من سكان حي مولنبيك بمدينة بروكسل (والمعروف جيدا أنه معقل جهادي). وأفادت وسائل الإعلام بأن اثنين من الإرهابيين الفرنسيين وصلا إلى باريس لتنفيذ الهجوم عليها كانا قد انطلقا من هذا الحي، كما أن بعض أعوان الفاعلين ممن كان لهم ضلع في الهجوم لجأوا إلى الحي نفسه.
10. يشار إلى أن مهدي نموش الإرهابي الذي ارتكب عملية إطلاق النار على المتحف اليهودي في بروكسل كان هو الآخر مقيما في حي مولنبيك، والذي خرج منه العديد من العناصر البلجيكيين إلى سوريا للالتحاق بداعش[1].وكان يعمل في الحي ذاته تنظيم جهادي اسمه "Sharia4Belgium" (شريعة لبلجيكا) أرسل العناصر البلجيكية للقتال في سوريا وقدم لهم الدعم اللوجستي. وحظرت بلجيكا عمل هذ التنظيم وتم اعتقال عدد من مسؤوليه.[2] ولكن البنية الأساسية الجهادية في بلجيكا ظلت تعمل حتى بعد حظر التنظيم، ما تمثل في اعتداءات باريس الأخيرة.
مسار وصول الإرهابيين من بلجيكا إلى باريس(Google Maps)
معلومات أولية عن هوية الفاعلين وأعوانهم
11. فيما يلي بعض معلومات أولية خاصة بهوية مرتكبي اعتداءات باريس الإرهابية وأعوانهم، كما وردت في الإعلام الفرنسي والعالمي:
أ. إسماعيل عمر مصطفاي ويحمل الجنسية الفرنسية ومنحدر من أصول جزائرية، من مواليد عام 1985، وهو من الإرهابيين الذين عملوا في مسرح باتكلان، وأصله من مدينة كوركورون الواقعة في إقليم إيسون، ومن ذوي السوابق في جرائم الممتلكات والتي تعود للفترة ما بين 2004-2010. وذكرت صحيفة لوموند بأنه مكث في سوريا بين خريف 2013 وربيع 2014، ثم عاد منها إلى حي لامادلين بمدينة شارتر، حيث أقام في السنوات الأخيرة. وكان إسماعيل مصطفاي قد شوهد خلال عمليات مراقبة قامت بها المخابرات الفرنسية لمجموعة صغيرة من العناصر السلفية، وحكم عليه بالسجن ثماني مرات، ولكنه لم يتعرض للحبس ولا مرة واحدة. وذكر المدعي الفرنسي أنه كان لمصطفاي صلات بجهات إرهابية منذ خمس سنوات (أسوشيتد برس). وسبق للشرطة الفرنسية اعتقال سبعة من أبناء عائلته.
ب. شارك في اعتداءات باريس الإرهابية ثلاثة إخوة فرنسيين من عائلة عبد السلام مقيمين في بلجيكا. وكان أحدهم إرهابيا انتحاريا فيما عمل الآخران كمعاونين. وفيما يلي بعض المعلومات الأولية المتعلقة بهؤلاء:
1) إبراهيم عبد السلام، وهو إرهابي انتحاري بلغ من العمر 31 سنة، وقد فجر نفسه عند مطعم لو كومتوار فولتير الكائن بالحي 11، وكان يملك حانة في حي مولنبيك ببروكسل، وقبل أسبوعين قررت السلطات إقفال الحانة لعثور الشرطة فيها على تجار مخدرات.
2) صالح عبد السلام: بلغ عمره 26 عاما، وكان يحمل الجنسية الفرنسية ومن مواليد بلجيكا، وكان مسؤولا عن الجوانب اللوجستية لهجوم باريس، حيث استأجر في بروكسل إحدى السيارتين (سيارة البولو) التي استعملها الإرهابيون في اعتداء باتكلان. وكان يتواجد في باريس خلال تنفيذ الاعتداءات، وبعدها هرب من باريس وتم توقيفه للتحقيق معه عند الحدود البلجيكية، ثم أفرج عنه بعد بضع ساعات ولأسباب لم تتضح بعد. وتفيد تقارير (متعارضة) باحتمال أن يكون اعتقل في حي مولنبيك ببروكسل. وكان شريكا مع شقيقه في إدارة شؤون الحانة.
3) محمد عبد السلام: الشقيق الثالث الضالع في الاعتداءات الإرهابية، وتم اعتقاله في بلجيكا.
ت. عبد الحميد أباعود، وهو مواطن بلجيكي بلغ من العمر 27 عاما، وذكر مصدر فرنسي أنه كان من بين المخططين للهجوم الإرهابي على باريس، وقد ترعرع هو الآخر في حي مولنبيك ببروكسل. وسبق له أن خطط لاعتداءات إرهابية تم إجهاضها وذلك في عدد من الكنائس والقطارات. وقد أقام في سوريا وعمل في صفوف داعش.
ث. أحمد المحمد: مواطن سوري عمره 25 عاما ينحدر من إدلب شمال غرب سوريا، ويبدو أنه تم إرساله في مطلع تشرين الأول / أكتوبر 2015 من سوريا إلى باريس للالتحاق بمرتكبي الاعتداءات، حيث توجه من تركيا إلى جزيرة روس اليونانية في 3 تشرين الأول / أكتوبر 2015، ومن ثم توجه إلى باريس بمعية بعض اللاجئين من سوريا. وذكر أنه كان على متن قارب انقلب في عرض البحر، ثم أنقذته سفينة يونانية وحصل على شهادة لاجئ (العربية، 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015). ومر وهو في طريقه إلى باريس بمقدونيا (7 تشرين الأول / أكتوبر 2015)، فكرواتيا (8 تشرين الأول / أكتوبر 2015)، فالمجر والنمسا. وكان أحد الإرهابيين الذين فجروا أنفسهم في الإستاد شمال باريس.
ج. سامي عميمور، بلغ عمره 28 عاما وكان من حملة الجنسية الفرنسية ويقيم في درانسي (شمال شرق فرنسا)، وكان ينتمي إلى المجموعة الإرهابية التي عملت في الإستاد. وكان قد قدم للمحكمة في تشرين الأول / أكتوبر 2012 بتهمة التآمر الجنائي مع تنظيم إرهابي، ومذ ذاك كان يخضع للمراقبة القضائية. وفي خريف 2013 انتهك شروط المراقبة فصدر بحقه أمر اعتقال دولي.
ح. بلال حدفيبلغعمره 20 عاما وكان يقيم في بلجيكا، ويظهر أنه كان يعمل في صفوف داعش بسوريا. وقد فجر نفسه بجوار الإستاد.
12. ذكرت قناة العربية في 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 أن إرهابيا بلجيكيا مغربي الأصل اسمه عبد الحميد أباعود يشتبه بأنه خطط ومول الهجوم على باريس. وكان الإرهابي المكنى أبو عمر سوسي غادر إلى سوريا سنة 2014 مصطحبا شقيقه الأصغر يونس الذي بلغ عمره آنذاك 13 عاما.
على اليمين: عبد الحميد أباعود بصحبة عنصر آخر من عناصر داعش. أعلى اليسار: عبد الحميد أباعود. أسفل اليسار: يونس، شقيق عبد الحميد أباعود الأصغر لدى إقامته في سوريا (العربية، 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015)
إعلان داعش مسؤوليته وحملة التهديدات ضد فرنسا والدول الغربية
13. وأسرع داعش إلى إعلان مسؤوليته عن اعتداءات باريس داعيا إلى تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية في فرنسا. وجاء ضمن إعلان المسؤولية أنه "في غزوة مباركة يسر الله لثلة مباركة من جند الخلافة استهداف باريس عاصمة العهر والرذيلة وحاملة لواء الصليب في أوروبا". كما تضمن الإعلان أن من نفذ العملية هم "ثمانية أخوة ملتحفين أحزم ناسفة وبنادق رشاشة استهدفوا مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا. كما نشر تنظيم داعش شريطا يظهر فيه أحد عناصر داعش وكان يتكلم الفرنسية ويدعو الجماهير إلى مبايعة زعيم داعش أبو بكر البغدادي وتنفيذ عمليات أخرى في فرنسا (أخبار المسلمين، 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2015)؛ الجزيرة، 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
عل اليمين: نص البيان الصادر عن داعش لإعلان مسؤوليته عن هجوم باريس (أخبار المسلمين، 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2015). على اليسار: مقطع من شريط نشره داعش يظهر فيه أحد عناصره من الناطقين بالفرنسية وهو يدعو إلى تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية في فرنسا (الجزيرة، 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2015)
14. ويعتبر داعش هجوم باريس الإرهابي نجاحا كبيرا، حيث شوهدت بين عناصر داعش وأنصاره مظاهر الفرح في أماكن مختلفة، لم تقتصر على سوريا والعراق (ففي مدينة سرت الليبية وزع أنصار داعش الحلوى، وفي مدينة غازينتاب الكردية جنوب تركيا خرج أنصار داعش في مسيرة شملت السيارات التي ظلت تطلق صفاراتها وكانت تحمل رايات داعش). وفي أعقاب الهجوم أطلق داعش حملة إعلامية وساعة النطاق، معظمها ضمن حسابات التويتر والمواقع الإلكترونية المحسوبة عليه، وشارك فيها عناصر داعش، ومنهم الناطقون بالفرنسية، كما تم عرض تقارير مصورة حول هجوم باريس الإرهابي، تضمنت صور الجثث وسيارات الإسعاف وقوات الأمن. وفي تقديرنا أن هدف الحملة تمثل في ترهيب الدول الغربية (وغيرها) وردعها عن القيام بتحركات ضد داعش. وتغنى داعش ضمن حملته الإعلامية بنجاح هجوم باريس واصفا إياه ب "نصر عظيم على الصليبيين".
15. وفي نطاق الحملة دعا داعش إلى مواصلة الهجمات على فرنسا، مهددا بأنها ستتعرض قريبا إلى ضربات أخرى أقوى (حيث جاء في إعلان المسؤولية ما نصه "ولتعلم فرنسا ومن يسير على دربها، أنهم سيبقون على رأس قائمة أهداف الدولة الإسلامية"). كما هدد داعش ألمانيا التي وصفها بالهدف القادم وغيرها من الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة (وقد سمى هذه الدول ب "الجبهة الصليبية" التي تشن حربا على داعش). كما تضمن البيان ذكر عدد من الدول العربية ومن ضمنها لبنان والأردن اللذان يعملان ضد داعش.
16. ووجهت الحملة الإعلامية الدعوة إلى مسلمي مختلف الدول ("دار الكفر") إلى الانضمام إلى الخلافة الإسلامية والانخراط في الجهاد. كما نشر في إطار الحملة في 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 شريط لداعش مصور في محافظة كركوك العراقية هدد من تحدث فيه بشن هجمات أخرى في دول الغرب والشرق ولا سيما فرنسا، داعيا المسلمين في أوروبا والدول الغربية عموما إلى ضرب المسيحيين ("الصليبيين") وأماكن سكناهم من خلال إطلاق النار والمتفجرات واستخدام السكاكين والسيارات، بل حتى ضربهم ركلا أو لطما (أخبار المسلمين، 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
[1] يسكن في حي مولنبيك نحو 95,000 نسمة، تزيد نسبة المسلمين منهم عن الربع. وتبلغ نسبة البطالة في الحي ما يزيد عن 30%، ويتجنب معظم السكان المشاركة في المجتمع البلجيكي. ويتضمن الحي 22 مسجدا ومن بين سكانه المئات والمئات من الشباب الذين خضعوا لعملية تشدد ديني، ومثلوا بنية أساسية بشرية للعناصر البلجيكيين الذين انضموا إلى داعش. وتفيد تقديرات وزارة الداخلية البلجيكية بأنه قد غادر بلجيكا 270 شخصا للقتال في صفوف داعش (مراسل صحيفة "هآرتس" في بروكسل، 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2015).
[2] انظر نشرة مركز المعلومات الصادرة في 15 نيسان / أبريل 2014 بعنوان ظاهرة المتطوعين الأجانب من دول وأقاليم مختلفة في آسيا الذين يقاتلون النظام السوري، ويعمل معظمهم في خدمة تنظيمات محسوبة على القاعدة والجهاد العالمي