مفاضلة احتياجات قطاع غزة المدنية مقابل احتياجاتها العسكرية: سلم أولويات حماس كما تمثل في تصريحات لخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، بعد نحو سنة من حملة “الرصاص المصبوب”


خالد مشعل خلال اجتماع للأحزاب العربية في دمشق، قال فيه إن معظم الأموال التي يتم نقلها إلى حماس وجل جهودها موجه للتعاظم العسكري (فلسطين الآن، 12 تشرين الثاني / نوفمبر 2009)
خالد مشعل خلال اجتماع للأحزاب العربية في دمشق، قال فيه إن معظم الأموال التي يتم نقلها إلى حماس وجل جهودها موجه للتعاظم العسكري (فلسطين الآن، 12 تشرين الثاني / نوفمبر 2009)

1.    من المتوقع إدراج إعادة إعمار قطاع غزة بعد حملة "الجرف الصامد" على جدول الأعمال العربي والدولي بعد انتهاء الحملة. وفي ضوء ذلك من المفيد دراسة تصريح لخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، بعد ما يقارب العام الواحد من حملة "الرصاص المصبوب" (وحين كانت إعادة إعمار غزة واردة).

2.    في 12 تشرين الثاني / نوفمبر 2009 التقى خالد مشعل بعدد من المسؤولين المشاركين في مؤتمر الأحزاب العربية في دمشق، وكان من أهم الرسائل الأساسية التي تضمنها حديثه خلال اللقاء استمرار حماس على طريق "المقاومة" (أي الإرهاب) وما يترتب على ذلك من توجيه معظم الأموال والجهود التي تستثمرها حماس في قطاع غزة إلى الاستعدادات العسكرية. وفيما يلي أهم ما جاء في حديث خالد مشعل في هذا الشأن (موقع فلسطين الآن)[1]:

أ‌.      جل جهود حماس في قطاع غزة موجهة للاستعدادات العسكرية": وفيما يتعلق بغزة، قال مشعل "ظاهر الصورة في غزة أنهميتحدثون عن المصالحة والبناء، لكن باطن الصورة يقول إن معظم المال والجهد يذهبللمقاومة والاستعدادات العسكرية"، مؤكدا "نحن شغالين علىالمقاومة".

ب‌.  تحتاج حماس التي تواجه صعوبات مالية إلى تبرعات من أجل "المقاومة": لقد أهاب خالد مشعل بالأحزاب العربية أن تجمع التبرعات استعدادا للمرحلة المقبلة من "المقاومة" (أي الإرهاب)، لأن حماس تتعرض "لحصار" مالي، حيث حذر مشعل من اشتراط قيام حماس بالاعتداءات الإرهابية لدعمها ماليا، لأن الأموال يتم توظيفها في تصعيد المقاومة.

3.    جاءت هذه الأقوال لخالد مشعل بعد حملة "الرصاص المصبوب" بحوالي سنة، وحين كانت إعادة إعمار القطاع مدنيا تجري ببعض التباطؤ، حيث عكست تصريحاته الأولويات الحقيقية لحماس، والناشئة عن ماهيتها كتنظيم "للمقاومة" وعن إستراتيجيتها في الصراع مع إسرائيل. وكانت هذه الأولويات تضم أساسا إعادة بناء البنية التحتية العسكرية في القطاع، والتي كانت تضررت خلال حملة "الرصاص المصبوب"، وتوجيه معظم الأموال التي كان يجري ضخها في القطاع، بما فيها تلك الآتية من صناديق الدعم العربية والدولية، إلى التعاظم العسكري، وعلى حساب إعادة إعمار القطاع مدنيا.

4.    وفي نظرة إلى الوراء يمكن التقدير بأن هذه الأولويات التي تمثلت في كلام مشعل قد عملت بها حماس على أرض الواقع خلال السنوات الخمس التي مضت منذ ذلك الحين (والتي اضطرت حماس خلالها إلى مواجهة نتائج حملة "عمود السحاب" أيضا)، حيث تمثلت هذه الأولويات في توجيه الأموال والموارد (من إسمنت وحديد) التي كانت مخصصة أصلا للأغراض المدنية، إلى البنية التحتية العسكرية لحماس، وبالأخص زيادة كمية ونوعية الصواريخ ومشروع الأنفاق. وفي اعتقادنا، أن هذه القضية ستبرز نفسها على الأجندة السياسية في عصر ما بعد حملة "الجرف الصامد" أيضا، مما يستوجب المراقبة الصارمة لكيفية استغلال الموارد التي سيتم ضخها في قطاع غزة لإعادة إعماره.

 

[1]للاطلاع على دراسة مفصلة لتصريحات خالد مشعل في اجتماع الأحزاب العربية في دمشق انظر نشرة المعلومات الصادرة في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 2009 بعنوان: خالد مشـعل يوضح أن حماس مصممة على الاستمرار في طريق "المقاومة" (أي الإرهاب) وأن "أي حديث آخر هو من قبيل المناورة" وحدد أن حماس توظف معظم مواردها المالية في قطاع غزة للاستعداد العسكري وليس للترميم والبناء.