عام
1. بتأريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 تم تنفيذ عملية إرهابية انتحارية مركبة ومتعددة المصابين على مدخل السفارة الإيرانية في لبنان، في الضاحية الجنوبية (الشيعية) من بيروت. وفقاً لتقديراتنا، إن الهدف وراء هذه العملية الإرهابية التي تم تنفيذها على أيدي إرهابيين انتحاريين اثنين كان تفجير مبنى السفارة وحصد العديد من المصابين وسط موظفي السفارة. لقد أسفرت هذه العملية عن مقتل 23 شخصاً وإصابة 146 شخصاً. وكان في عداد القتلى إبراهيم الأنصاري، الملحق الثقافي للسفارة الإيرانية. وخلال الأيام التي تلت العملية الإرهابية تمت مراسم تشييع جثامين عشرة عناصر منظمة حزب الله، اللذين قُتلوا في الانفجار والذين كان ينتمي بعضهم على الأقل، إلى طاقم الحراسة الأمنية للسفارة.
2. إن مَن علن مسؤوليته عن تنفيذ العملية هي كتائب عبد الله عزام، تنظيم إرهابي محسوب على القاعدة وعلى تنظيمات الجهاد العالمي، ينشط في لبنان وفي ساحات أخرى من الشرق الأوسط. جدير بالذكر أن هذا التنظيم الذي يوجد معقله في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني قد أعلن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه الجليل الغربي (بتأريخ 22 آب/أغسطس 2013) الذي أعدَّ لوضع التحديات أمام حزب الله[1].
3. تم تنفيذ العملية الإرهابية ضد السفارة الإيرانية في لبنان بالتزامن مع قيام النظام السوري ومناصريه (إيران وحزب الله) بالتحضيرات لمعركة تطهير جبال قلمون، المنطقة الجبلية الهامة، شمالي-شرقي العاصمة دمشق. يُنظر في لبنان إلى العملية الإرهابية في السفارة الإيرانية في بيروت على أنها محاولة لإزاحة ضغط سوريا وإيران وحزب الله عن قواعد المتمردين في سوريا من خلال تحويل الرسالة بأنه لدى جهات الجهاد العالمي المحسوبة على القاعدة القدرة على ضربهم في ساحتهم الخلفية في لبنان.
4. تُعتبر العملية الإرهابية في السفارة الإيرانية الإنجاز الأبرز في سلسلة العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها خلال الأشهر القليلة الماضية على أيدي منظمات سنية متطرفة ومن ضمنها كتائب عبد الله عزام بهدف وضع التحديات أمام إيران وحزب الله. إن هذه العملية الإرهابية، وفقاً لتقديراتنا، بمثابة ضربة ملموسة بالنسبة لحزب الله وإيران سواء كان ذلك على المستوى الأمني أو على مستوى النيل من صورتهما العلنية وتشويهها. جدير بالذكر أن تفعيل سيارات ودراجات نارية مفخخة بواسطة إرهابيين انتحاريين يُعدُّ نمط عمل يتميز به تنظيم جبهة النصرة الذي يُشكل فرعاً للقاعدة في سوريا[2] تم، وفقاً لتقديراتنا،نقله إلى لبنان وتم توجيهه ضد حزب الله وإيران. إن مَن تميز بهذا النمط من العمل على الساحة اللبنانية هو حزب الله حتى من بدء انطلاقته عام 1983 (عمليات إرهابية فتاكة تم تنفيذها على أيدي حزب الله بدعم إيران ضد السفارة الأميركية والقواعد العسكرية الأميركية والفرنسية غرب بيروت). وبعد ذلك بثلاثين عاماً قد اكتملت الدائرة عندما أصبحت منظمة حزب الله وإيران التي تقف ورائها، اللتين قد تخصصتا بهذا النوع من العمليات الإرهابية وحققتا عن طريقها أرباحاً سواء كان ذلك على المستوى السياسي أو على مستوى صورتهما العلنية مستهدفتين من قبلها.
5. وفقاً لتقديراتنا، إن "انزلاق" الصراع السني-شيعي إلى لبنان واحتدام المواجهات العنيفة بين الطرفين الخصمين قد يزعزع أكثر فأكثر صلاحية وسلطة الإدارة اللبنانية الواهنة وقد يؤدي إلى تعميق حالة عدم الاستقرار على الساحة اللبنانية.إذ أنقوات الأمن اللبنانية عديمة أي قدرة سواء كانت تنفيذية أو سياسية-داخلية لمواجهة الصراعات العنيفة الدائرة بين المنظمات الإرهابية ذات المهارات التي تتمتع بدعم مجموعات من السكان والقوات الخارجية، سواء دار الحديث عن جهات تنتمي للجهاد العالمي (التي تجد لها مأوىً في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين) أو عن منظمة حزب الله (التي تتمتع بمكانة راسخة وسط الطائفة الشيعية في لبنان وتحظى بدعم إيران وسوريا).
6. الخلاصة: إن العملية الانتحارية المركبة والعمليات الإرهابية التي سبقتها تعكس، وفقاً لتقديراتنا، تعاظم القدرات التنفيذية لكتائب عبد الله عزام والتنظيمات السنية-السلفية-الجهادية الناشطة على الساحة اللبنانية.إن هذه القدرات الموجهة هذه الأيام إلى إيران وحزب الله قد تُوجه إلى إسرائيل أيضاً (على سبيل المثال،إطلاق الصواريخ باتجاه منطقة الجليل).إن إيران ومنظمة حزب الله اللتين واجهتا ضربة قاصمة سواء كان ذلك على المستوى الأمني أو على مستوى النيل من صورتهما العلنية وتشويهها، من المتوقع أن تتخذا خطوات مضادة سواء كان ذلك على الصعيد الأمني (حراسة أمنية لحماية الأشخاص والمواقع) أو على الصعيد الهجومي (عمليات انتقامية ضد أشخاص وقواعد محسوبة على القاعدة والجهات المتطرفة في الطائفة السنية). إن هذه العوامل جميعها قد تُؤدي إلى احتدام الصراع الطائفي السني-شيعي في لبنان ولربما خارج لبنان أيضاً، بالمقابل للحرب الأهلية في سوريا. |
وصف (أولي) للعملية الإرهابية
7. بتأريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 تم تنفيذ عملية إرهابية انتحارية مركبة على مدخل مبنى السفارة الإيرانية في لبنان. يتواجد مبنى السفارة في حي بئر حسن، على أطراف الضاحية الجنوبية الشيعية من بيروت، معقل حزب الله في لبنان. استناداً إلى ما أفادت به وسائل الإعلام اللبنانية، وبما فيها، وسائل الإعلام التابعة لحزب الله، بدأت العملية عندما قام إرهابي انتحاري كان يسوق دراجة نارية بتفجير نفسه بالقرب من الحاجز على مدخل السفارة[3]. وبعدها بدقائق معدودة وصلت بالقرب من مبنى السفارة سيارة مفخخة من نوع "شيفروليه بليزر" (4X4) سوداء اللون كان يسوقها إرهابي انتحاري آخر. وقد تم إخفاء كمية كبيرة من المواد المتفجرة (ما بين 100-50 كلغ) داخل السيارة. وادعى شهود عيان في حديث لقناة "الميادين" المحسوبة على حزب الله، بأن الإرهابي الانتحاري الأول لم يُفجر نفسه وإنما قُتل برصاص الحراس الأمنيين للسفارة.
8. استناداً إلى ما أفادت به صحيفة "السفير" اللبنانية قد تم اقتناء السيارة التي استُخدمت لتنفيذ العملية في بلدة بريتال في البقاع اللبناني. وتم إخفاء المواد المتفجرة داخلها في منطقة يبرود، في جبال قلمون. وبعدها أرسِلت السيارة إلى سوريا عن طريق البلدة (السنية) عرسال، شمال البقاع اللبناني. استناداً إلى "مصادر أمنية" لبنانية قد تم التخطيط لتنفيذ العملية وتوجيهها في سوريا (صحيفة "السفير"، 25 آب/أغسطس 2013). استناداً إلى صحيفة "الأخبار" اليومية اللبنانية المحسوبة على حزب الله قد صرح حسن نصر الله بأن التخطيط لهذه العملية كان تخطيطاً مدققاً وأن المخططين لها كانوا يُجيدون معرفة مبنى السفارة الإيرانية. لقد أعدَّت هذه العملية الإرهابية لهدم ذاك الجزء من المبنى الذي يوجد قبالة المدخل، وذلك لوجود ديوان السفير الإيراني الذي استهدفته هذه العملية في هذا الجانب من المبنى (صحيفة "الأخبار" اليومية، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). استناداً إلى تقارير وسائل الإعلام اللبنانية فما اتضح من التحقيقات حول ملابسات الحادث أن العملية الإرهابية التي استهدفت السفارة الإيرانية والعمليات الإرهابية التي سبقتها والتي نُفذت في الضاحية الجنوبية من بيروت قد تم التخطيط لها من قبل عناصر القاعدة في سوريا وذلك كجزء من اتجاه نقل الصراع مع حزب الله إلى الأراضي اللبنانية (صحيفة "الأخبار" اليومية، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). المصابون نتيجة للعملية الإرهابية
9. استناداً إلى ما أفادت به وسائل الإعلام اللبنانية قد أسفرت هذه العملية عن مقتل 23 شخصاً كان في عدادهم إبراهيم الأنصاري، الملحق الثقافي الإيراني، وعن إصابة 146 شخصاً. وأفادت وسائل الإعلام اللبنانية بأن الملحق الثقافي الإيراني قُتل داخل سيارته عندما كان ينتظر خروج السفير الإيراني، غضنفر ركن-أبادي (صحيفتا "الجمهورية" و"الأنهار"، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). وأفادت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله عن مراسم تشييع جثامين عناصر المنظمة العشرة اللذين، وفقاً لتقديراتنا، كان ينتمي جزء منهم على الأقل، إلى طاقم الحراسة الأمنية للسفارة (تابعو فيما يلي).
صور من مكان وقوع العملية الإرهابية (من اليمين: قناة "العالم" الإيرانية، من اليسار: قناة "العربية")
تفاصيل حول هوية الإرهابيين الانتحاريين
10. نشرت وسائل الإعلام اللبنانية صوراً وتفاصيل حول الإرهابيين الانتحاريين، حيث أفيد بأن اثنيهما يسكنان في منطقة صيدا ويُعدان من أنصار الشيخ السني السلفي، أحمد أسير المعادي لحزب الله. كما نُشر أنه ينشط في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، القريب من صيدا، فرع كتائب عبد الله عزام الذي يتعاون مع أحمد أسير (راجعوا المقال التي نُشر في صحيفة "الأخبار" المحسوبة على حزب الله، 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
11. فيما يلي أهم ما جاء في إطار المعلومات (الأولية) التي نُشرت حول الإرهابيين الاثنين الانتحاريين:
أ. معين عدنان أبو ظهر: من سكان صيدا، ويُعدُّ من أنصار الشيخ السني السلفي، أحمد الأسير المعادي لحزب الله (صحيفة "النهار"، 22، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). قبيل وقوع العملية بثلاثة أيام نشر أبو ظهر على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي الـ"فيس بوك" أنه ينوي للانتقام لأحمد الأسير. استناداً إلى قناة العربية كان يسكن أبو ظهر في السابق في الدنمرك ومن هناك انتقل إلى الكويت للعمل هناك، ومن هناك انتقل إلى سوريا ولبنان (قناة "العربية"، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). بتأريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2013 جرى تواصل بينه وبين صديقه عن طريق الـ"فيس بوك" كتب فيه أنه ينوي ليسبق صديقه في الوصول إلى الجنة (موقع "الخبر برس" على شبكة الإنترنت، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). استناداً إلى ما جاء في المقال الذي نشره سعد الحريري، الزعيم الأبرز للسنيين في لبنان، يدور الحديث عن شاب سني من صيدا (لم يذكر المقال اسمه)، والدته شيعية، كان قد انتقل ليُقاتل مع "مجموعة مسلحة" في سوريا كانت قد أرسلته ليُفجر نفسه في لبنان ("المستقبل"، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). استناداً إلى صحيفة "النهار" (25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) قد دخل الإرهابي الانتحاري، معين أبو ظهر، لبنان من سوريا عن طريق معبر المصنع الحدودي بهوية لبنانية.
ب. عدنان موسى المحمد: فلسطيني الأصل[4]. تقطن عائلته في بلدة بيسرية، جنوبي مدينة صيدا. كان المحمد يعمل ميكانيكياً. تم الادعاء بأنه يُعاني من مشاكل نفسية (قناة "الجديد"، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). وخلال العام الأخير سكن المحمد في بلدة العاقبية. وتم اعتقاله في الماضي على أيدي جهاز استخبارات الجيش اللبناني. وخلال العام الأخير انقطع تواصله مع عائلته (موقع بلدة جبشيت على شبكة الإنترنت، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). قامت والدة الإرهابي الانتحاري بشجب العملية قائلةً إن "دين محمد لا يسمح بذلك". وفقاً لأقوالها، لم تكن تعلم بأن ابنها كان يتفقد مسجد بلال بن رباح في عين الحلوة [مسجد أحمد الأسير] وأنه كان ينتمي لمجموعة الشيخ أحمد الأسير (موقع "بنت جبيل" على شبكة الإنترنت، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
من اليمين: الإرهابي الانتحاري، عدنان موسى المحمد (موقع "بنت جبيل" على شبكة الإنترنت، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). من اليسار: عدنان موسى المحمد يرتدي البزة العسكرية والسترة الواقية (موقع "بنت جبيل" على شبكة الإنترنت، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)
قتلى حزب الله نتيجة للعملية الإرهابية
12. خلال الأيام التي تلت العدوان على السفارة الإيرانية تمت في الجنوب اللبناني مراسم تشييع جثامين عناصر حزب الله الـ10 الذين أفيد بأنهم قُتلوا في العملية الإرهابية. وفقاً لتقديراتنا، إن جزءاً منهم على الأقل، كان ينتمي لطاقم الحراسة الأمنية للسفارة الإيرانية. وقد أفيد بأن أحدهم، رضوان محمد فارس، كان المسؤول عن الحراسة الامنية للسفارة (شاهدوا الصورة الفوتوغرافية). كما أفيد عن قتيل آخر يُدعى أحمد زراقط، بأنه كان أحد الحراس الأمنيين في السفارة. دُفن عناصر حزب الله بجنازات ضخمة وحاشدة تمت في بيروت بتأريخ 20 و-22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013. وشارك في الجنازة التي تمت بتأريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 أيضاً السفير الإيراني في لبنان (صحيفة "العهد"، 20، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)، موقع "بنت جبيل" على شبكة الإنترنت، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)[5].
إعلان تبني المسؤولية
13. لقد أفاد الشيخ السني سراج الدين زريقات المحسوب على كتائب عبد الله عزام في تغريدة له عبر حسابه الشخصي عبر موقع الـ"تويتر" (19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) بأن كتائب عبد الله عزام هي مَن تقف وراء العدوان على السفارة الإيرانية في بيروت. وقال زريقات إنه قد قُتل في هذا العدوان شهيدان سنيان (أي، الإرهابيان الاثنان الانتحاريان). وقد جاء في إعلان تبني المسؤولية أن العمليات في لبنان سوف تتواصل حتى يتم الإيفاء بمطلبين: الأول، انسحاب حزب الله ("المعسكر الإيراني") من سوريا، والثاني، تحرير أسرى التنظيم المحتجزين داخل السجون اللبنانية. جدير بالذكر أن الشيخ سراج الدين زريقات هو الذي أفاد بتأريخ 22 آب/أغسطس 2013 بأن كتائب عبد الله عزام هي مَن تقف وراء إطلاق الصواريخ الأربعة باتجاه مدينة حيفا و"مناطق استراتيجية" أخرى داخل إسرائيل. وقد أفادت صحيفة لبنانية محسوبة على حزب الله بأن الشيخ زريقات يُقيم في سوريا ما يزيد عن عام وينشر أخباره من هناك (صحيفة "الأخبار" اليومية، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
ردود فعل إيران وحزب الله على العملية الإرهابية
14. إن رد فعل إيران الفوري على العملية الإرهابية كان اتهام إسرائيل بتنفيذها. في مقابلة صحفية أجرتها معه قناة "الميادين" (19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) المحسوبة على حزب الله، قال السفير الإيراني إن "الكيان الصهيوني وعملاؤه يقفان وراء تنفيذ العملية الإرهابية". وفي تصريح آخر أدلى به السفير الإيراني قال إنه لا يخفى على أحد أن العدو الصهيوني يدعم المجموعات الإرهابية في سوريا والعراق، بل وفي الفترة الأخيرة، تلك المتواجدة في لبنان أيضاً (وكالة "فارس" للأنباء التي تقتبس حديث السفير الإيراني لقناة "النشرة"، (24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
15. وفي وقت لاحق انضم حزب الله، هو أيضاً، إلى اتهام إسرائيل، غير أنه قد تطرق عناصر حزب الله في اتهاماتهم إلى القاعدة أيضاً التي وُصفت من قبلهم على أنها أداة في أيدي إسرائيل.في مقابلة أجرتها معه إحدى محطات الإذاعة اللبنانية قال الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لمنظمة حزب الله،: "إنها [هي] الأيدي الإجرامية للتكفيريين [أي، القاعدة[6]] وإسرائيل اللذين يتمتعان من حالة عدم الاستقرار في الدولة" (موقع inn.co.ilعلى شبكة الإنترنت، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). وفي تصريح آخر تم الإدلاء به خلال الحفل الذي تم عقده في بلدة جبشيت قال رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني، محمد رعد، إن العملية الإرهابية في السفارة الإيرانية في بيروت كانت "رسالة إسرائيلية عن طريق [التنظيمات] التكفيرية". وفقاً لأقواله، ما هدفت إليه هذه الرسالة لم يكن فقط تقويض مبنى السفارة وإنما زعزعة الاستقرار داخل لبنان وتقويض الوحدة الوطنية (صحيفة "النشرة"، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). وصرح نائب رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، نبيل قاووق، بأن العملية قد "أكدتجدية الخطر التكفيري الإرهابي الإسرائيلي علىلبنان" (وكالة الأنباء اللبنانية، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
16.لقد تطرقت "مصادر رفيعة المستوى" (امتنعت عن الإفصاح عن اسمها) إلى المعاني والدلالات الخطيرة التي تنطوي عليها العملية الانتحارية وإلى طرق رد الفعل التي يتم النظر فيها. في مقابلة صحفية لصحيفة "الجمهورية" اللبنانية (20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013)، قالت تلك المصادر إنه قد "دخلنا مرحلة جديدة، مرحلة خطيرة للغاية، مرحلة الإرهابيين الانتحاريين". وقد أضافت تلك المصادر– سوف نتخذ خطوات استثنائية لأنه بالنسبة لنا كل شيء قد تغير". عبرت هذه المصادر عن تخوفها من تنفيذ عمليات انتحارية أخرى سوف تستهدف مباني أو تجمعات سكانية شيعية "كما يحدث في العراق". وفقاً لأقوال هذه المصادر، بذل حزب الله جهوداً أمنية جمة للحيلولة دون دخول سيارات مفخخة [التجمعات السكانية الشيعية] "ولكنه يصعب التعاطي مع العمليات الانتحارية. علمت صحيفة "الجمهورية" (20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) بأن قيادة حزب الله عقدت اجتماعات أمنية رفيعة المستوى قد تقرر فيها أن المكاتب والمنازل والمقرات العسكرية التابعة للمنظمة سوف "تتخذ إجراءات استثنائية" تخوفاً من وقوع عمليات انتحارية أخرى.
التهديدات الموجهة إلى السعودية
17. بعد وقوع العملية الإرهابية بيومين دعت السفارة السعودية في لبنان مواطني السعودية إلى ترك لبنان واتخاذ وسائل الحيطة والحذر (موقع APعلى شبكة الإنترنت، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).لقد جاءت هذه الدعوة في أعقاب التقارير التي نُشرت عبر وسائل الإعلام اللبنانية والشبكات الاجتماعية على الإنترنت التي اتهمت السعودية بالضلوع في تنفيذ العملية الإرهابية ضد السفارة الإيرانية في لبنان (اتهامات لا أساس لها من الصحة). ونُشر مما قد تم نشره تصوير جوي يظهر فيه موضع السعودية مع العنوان: "السفارة السعودية في لبنان، للجديين فقط" (صحيفة "القدس العربي"، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
18. برز خاصةً المقال التهديدي بقلم إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اليومية المحسوبة على حزب الله، الذي اتهم السعودية في مقال يحمل العنوان: "هدية من المملكة [السعودية] لإيران" قائلاً إن السعودية هي مَن تقف وراء العملية الإرهابية التي تم تنفيذها في لبنان(صحيفة "الأخبار" اليومية، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013). وقد جاء في المقال أن "لا أحدَ قد توقع أن تُسرع مملكة القمع [أي، السعودية] إلى نقل المعركة إلى مرحلة جديدةتتضمن محاولة تطبيق ظاهرة الانتحاريين في العراق على لبنان. يؤكد المقال على أنه يُستبعد التأثير على الاقتتال في سوريا عن طريق تنفيذ عمليات انتحارية في لبنان، ملمحاً إلى أن المعركة قد تتوسع إلى دول أخرى تنتمي إلى المعسكر السعودي مثل اليمن والبحرين. ويُضيف المقال أن حزب الله قد تمكن بالتعاون مع أجهزة الأمن اللبنانية من إحباط العديد من العمليات الإرهابية في لبنان ولكن انطلاق سلسلة الانتحاريين سوف تُحتم عليهم القيام "بإدارة نشاط ردعي مسبق". ويخلص المقال إلى القول إن "الجبهة العالمية لهدم الشرق العربي" (أي، السعودية وحلفاؤها) قد قررت إدارة معركة دموية ضد إيران وإنه يتوقع الآن "سلاسل أخرى من الجنون على شكل هدايا وهبات ملكية حمراء اللون". ولكنه، يُضيف كاتب المقال قائلاً إن لإيران طرقها الخاصة بها ومنظومة ردعية خاصة بها من أجل التعاطي مع هذه المعركة.
العمليات الإرهابية السابقة ضد حزب الله والتجمعات السكانية الشيعية
19. إن العملية الإرهابية ضد السفارة الإيرانية في لبنان تُعتبر ذروة سلسلة العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية تم خلالها استخدام تشكيلة واسعة من الوسائل والأساليب وتم توجيهها ضد حزب الله والتجمعات السكانية. وفقاً لتقديراتنا، تم تنفيذ هذه العمليات الإرهابية على أيدي تنظيمات لبنانية سنية سلفية، وجزء منها، باعتقادنا، قد تمت أيضاً على أيدي كتائب عبد الله عزام وتنظيمات أخرى محسوبة على الجهاد العالمي. حتى هذه الأثناء قد باءت بالفشل الجهود التي يبذلها حزب الله لاحتواء هذه السلسلة من العمليات الإرهابية، التي تُجسد جيداً "انزلاق" الحرب الأهلية السورية والصراع السني-شيعي الذي يدور في إطارها، إلى الساحة اللبنانية. إن العملية الإرهابية ضد السفارة الإيرانية قد تكون مؤشراً لاحتدام الصراع في الساحة اللبنانية ولربما أيضاً في دول أخرى خارج لبنان.
20. لقد برزت خاصةً عمليتان إرهابيتان سابقتان تم تنفيذهما في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، بواسطة سيارات مفخخة:
أ. بتأريخ 9 تموز/يوليو 2013 تم انفجار سيارة مفخخة في حي بئر العبد في الضاحية الجنوبية من بيروت داخل موقف للسيارات، مما أسفر عن مقتل اشخاص عدَّة وإصابة مئات عدَّة. لم يُعلن أيٌّ من التنظيمات مسؤوليته عن الانفجار.
ب. بتأريخ 15 آب/أغسطس 2013 تم انفجار سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية من بيروت، بين حي الرويس وحي بئر العبد، مما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وإصابة مئات الأشخاص. لم يُعلن أيٌّ من التنظيمات مسؤوليته عن الانفجار.
21. هناك في لبنان عامةً وفي صفوف حزب الله خاصةً تخوف من استمرار سلسلة العمليات الإرهابية التي تُبادر إليها تنظيمات القاعدة. وأفادت وسائل الإعلام اللبنانية بأنه بتأريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 شخَّص الجيش اللبناني وجود سيارة مفخخة من نوع "بيوئيك" في الجزء الشمالي من البقاع اللبناني الذي يخضع لسيطرة حزب الله على الطريق الممتد بين بلدتي مقنه ويونين. استناداً إلى ما أفادت به وسائل الإعلام تم العثور على سيارة مشبوهة على أيدي جنود الجيش اللبناني (واستناداً إلى تقرير آخر قد تم ذلك على أيدي حزب الله) كانت في طريقها من سوريا إلى البقاع اللبناني (منطقة عرسال). وخلال ملاحقتها أطلق راكبوها النار باتجاه الجنود. وعندما انتهى تبادل إطلاق النار تم ضبط السيارة التي كانت تحتوي على نحو 400 أو 500 كلغ من المواد المتفجرة من نوع TNTوعلى قذيفتي هاون.إن السيارة معدة ومجهزة ليتم استخدامها لأغراض تنفيذية. وقام الجيش اللبناني بإغلاق المنطقة وإجلاء السكان ثم قام بتفكيك المتفجرات وبدأ بالتحقيقات. وقد تمكن راكبو السيارة من الفرار (موقع alhayat.comعلى شبكة الإنترنت، صحيفة "الجمهورية"، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، Lebanon Files، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
[1]للاطلاع على تفاصيل أوفى حول العملية والتنظيم: راجعوا نشرة المعلومات التي تم إصدارها بتأريخ 28 آب/أغسطس 2013: "كتائب عبد الله عزام، تنظيم محسوب على القاعدة، يُعلن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه الجليل الغربي (22 آب/أغسطس). وفقاً لتقديراتنا، ما تهدف إليه عملية الإطلاق هو وضع التحديات أمام حزب الله على خلفية "انزلاق" الصراع بين الجهاديين والسنيين وحزب الله الشيعي من سوريا إلى الساحة اللبنانية".
[2]للاطلاع على تفاصيل أوفى راجعوا الدراسة التي تم إصدارها بتأريخ 22 أيلول/سبتمبر 2013: جبهة النصرة: تنظيم جهادي سلفي ينتمي للقاعدة يؤدي دوراً هاما بين منظمات المتمردين في سوريا. التنظيم يسعى للإطاحة بنظام الأسد وإنشاء خلافة إسلامية في الشأم لتتحول إلى مركز إقليمي ودولي للإرهاب والتآمر".
[3]استناداً إلى ما جاء في تقرير آخر قد سار الإرهابي مشياً على الأقدام ولكن الصورة الفوتوغرافية للدراجة النارية في مكان وقوع الحادث تُؤكد صحة التقرير الذي يدعي بأنه يدور الحديث عن راكب دراجة نارية.
[4]استنكرت السلطة الفلسطينية بتأريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 تنفيذ العملية الإرهابية ضد السفارة الإيرانية في بيروت. وفقاً لأقوالها، إن ضلوع فلسطيني "في هذه الفعلة الإجرامية" عبارة عن فعلة تعود لفرد واحد قام بها من تلقاء نفسه، لا تخدم إلا أعداء القضية الفلسطينية. وتقدمت السلطة بتعازيها لعائلات القتلى مؤكدةً على وقفتها إلى جانب لبنان (وكالة الأنباء "وفا" الفلسطينية، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013).
[5]بالإضافة إلى العناصر الذين أصيبوا في العملية الإرهابية تكبد حزب الله خلال الأيام القليلة الماضية خسائر فادحة في سوريا أيضاً. وقد أفاد (20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013) أحد المواقع على الإنترنت التي تستند إلى "مصادر لبنانية" -"لبنان 24" بأن نحو 10 عناصر من حزب الله قتلوا خلال الأيام الأخيرة في منطقة دمشق وإن المنظمة على وشك القيام بدفنهم في أماكن سكناهم في البقاع اللبناني والجنوب اللبناني.
[6]"الجماعات التكفيرية"، كنية أطلقها حزب الله على تنظيمات القاعدة. يُقصد بذلك الجماعات التي تُعلن عن شخص مسلم أو عن جماعات إسلامية كجماعات كافرة لأنها لا تتبني الإسلام بمعناه الراديكالي.