عام
1. بتاريخ 31 أيار 2013 القى الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبر اكبر مفتي للمسلمين السنة في العالم، خطبة هاجم فيها إيران وحزب الله بصورة لاذعة. وجاءت الخطبة في اطار مؤتمر عقد في العاصمة القطرية الدوحة تضامنا مع الشعب السوري. وقد اتهم الشيخ يوسف القرضاوي إيران وحزب الله بمساعدة النظام السوري العلوي الذي يحارب شعبه من خلال تزويد الوسائل القتالية وارسال النشطاء من جميع أنحاء العالم الشيعي. وقد هاجم القرضاوي بصورة لاذعة حزب الله ("حزب الطاغوت") الذي يرسل النشطاء الى سوريا من أجل "قتل أهل القصير" مسميا الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله باسم "نصر اللات". وقد دعا القرضاوي المتطوعين المسلمين والدول الاسلامية الى مساعدة اخوانهم في سوريا حالفا بأنه لو كان يستطيع لخرج لنصرتهم دون تردد (للوقوف على اهم ما جاء في الخطبة- راجع الملحق).
2. الشيخ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي كان قد طرد من مصر ووجد ملجأ في قطر ومنها يعمل في أنحاء العالم العربي/الاسلامي. بعد تنحي الرئيس مبارك عن الحكم عاد القرضاوي الى مصر وألقى خطبة في ميدان التحرير في القاهرة. الكثيرون يعتبرون القرضاوي مرجعية أيديولوجية عليا لحركة الاخوان المسلمين، مع أنه من الناحية الرسمية لا يعمل قائدا رسميا للحركة. ويعتبر القرضاوي مرجعية دينية أولى بالنسبة لحماس ويعتبر من أشد أنصار الارهاب الفلسطيني. بتاريخ 8 أيار 2013 قام القرضاوي بأول زيارة له لقطاع غزة وأطلق من هناك تصريحات متطرفة رفض من خلالها أي امكانية للاعتراف باسرائيل أو التفاوض معها داعيا المسلمين الى الاستعداد "للدفاع عن المسجد الأقصى"[1].
3. جاء خطاب الشيخ يوسف القرضاوي في قطر ردا على خطاب حسن نصر الله (25 أيار 2013) الذي اعترف فيه لأول مرة بضلوع حزب الله في الحرب الأهلية في سوريا[2]. وقد جاء الخطاب في ذروة المعارك وقبل أسبوع من نجاح النظام السوري، بمساعدة آلاف من نشطاء حزب الله، في السيطرة على مدينة القصير، وتحقيق انتصار عسكري ومعنوي كبير. هذا الانتصار، الى جانب استمرار مساعدة إيران للنظام السوري واستمرار انجرار حزب الله للحرب الأهلية في سوريا، تساهم في زيادة الشرخ بين السنة والشيعة في العالم العربي/الاسلامي، وقد تجسد ذلك في التصريحات اللاذعة الصادرة عن الشيخ يوسف القرضاوي ودعوته للجهاد ضد حزب الله والشيعة التي صدرت ايضا عن علماء سنة آخرين. على الرغم من ذلك، رغم كون القرضاوي مفتيا يحظى بشعبية كبيرة، غير أن خطبته ليست فتوى ومن غير المتوقع أن تؤدي خطبته الى تحريك آلاف المتطوعين السنة للجهاد ضد النظام السوري.
4. تعبر اقوال القرضاوي عن "الأثمان" الباهظة التي اضطر حزب الله الى دفعها في العالم العربي/الاسلامي، وفي لبنان ذاته، بحكم تدخله المتزايد في الحرب الأهلية بسوريا.[3]. عدا عن المس البالغ بصورة حزب الله في الدول العربية والاسلامية (شيطنة حزب الله وتحويله من رافع لواء "المقاومة" ضد إسرائيل الى "حزب الشيطان")،فإن حزب الله يواجه الآن خطرا متزايدا بخصوص انتقال التوتر السني- الشيعي الى لبنان ذاته. المواجهات العنيفة في طرابلسوصيدا، اطلاق الصواريخ على مقرات حزب الله والطائفة الشيعية في الضاحية الجنوبية في بيروت وبعلبك، والمظاهرة التي نظمها مؤخرا معارضو حزب الله قبالة السفارة الإيرانية في بيروت- تثبت كلها بصورة واضحة أن معارضي حزب الله في لبنان "يرفعون رؤسهم" وأن الحرب الأهلية في سوريا بدأت بالزحف الى لبنان وزادت من التوترات الطائفية (رغم أن نتائج الحرب الأهلية السابقة ما تزال عالقة بصورة عميقة في وعي الطوائف المختلفة والأطراف المتخاصمة وتشكل عوامل تهدئة).
لافتة يرفعها أحد معارضي حزب الله في لبنان، وتتضمن تغيير شعار حزب الله من حزب الله الى "حزب الشيطان" (تماشيا مع أقوال القرضاوي). أما جملة "فإن حزب الله هم الغالبون" فقد تحولت الى "فإن حزب الشيطان هم الخاسرون". molotovnews.com))
5. الهجوم الذي شنه القرضاوي على إيران وحزب الله قد يضع صعوبات بخصوص تعاطي حماس المحسوبة بصورة واضحة على حركة الاخوان المسلمين، وهي تحاول عدم التورط والسير بحذر بخصوص علاقاتها مع إيران، فيما تندمج مع سياسة حركة الاخوان المسلمين، التي تدعم التمرد ضد النظام السوري، وعليه فإن حماس، وفقا لتقديراتنا، معنية بالاستمرار في تلقي المساعدات من إيران التي لعبت في السابق دورا أساسيا في بناء قوة حماس العسكرية في قطاع غزة (خاصة الاستمرار في تلقي الوسائل القتالية المتقدمة). لم ترد حماس بصورة مباشرة على خطبة القرضاوي (الذي أشار في اقواله الى جهود بشار الأسد في تجنيد حماس لصالحه) غير ان صلاح البردويل ، المتحدث باسم حماس، انضم الى الشجب الشديد ضد إيران وحزب الله. وفي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط أشار البردويل الى ان حزب الله "ارتكب خطأ فادحا" بسبب تدخله في الأزمة السورية وادعى أن هناك تراجعا في دعم حزب الله وأنه "انهار تماما". واضاف البردويل أن الدعم الذي تقدمه إيران وحزب الله لـ"المقاومة" لا يمنح حماس صلاحية لتوزيع صكوك غفران لهما بكل ما يتعلق بالأحداث في سوريا والأخطاء القاتلة التي وقعت فيها (الشرق الأوسط، 10 حزيران 2013).
6. إن أقوال القرضاوي هي جزء من التشديد العام في نبرة التصريحات السنية (الصادرة عن السياسيين، رجال الدين ووسائل الاعلام) ضد الشيعة. عدا عن الخلفية الخاصة بتدخل حزب الله في سوريا يمكننا ملاحظة هذا التصعيد كجزء من سياق اوسع يتعلق بالصراع الشيعي السني في المنطقة الذي يتجسد في بؤر أخرى: في العراق (أعداد غير مسبوقة من القتلى في عمليات متبادلة بين الشيعة والسنة لم ير مثلها منذ سنوات)؛ في لبنان (مواجهات واحتكاكات في طرابلس، صيدا وبيروت) وفي الخليج الفارسي (حيث تدور معركة بين إيران والسعودية ودول الخليج على البحرين واليمن).
[1]لمزيد من التفاصيل حول الشيخ يوسف القرضاوي راجع نشرة المعلومات الصادرة بتاريخ 22 شباط 2011:"خطوط عامة حول شخصية الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، من كبار أهل الافتاء لدى المسلمين السنة، المحسوب على الاخوان المسلمين".
[2]في أعقاب خطاب حسن نصر الله (25 أيار 2013) بدأ رجال دين مسلمون، وبضمنهم القرضاوي، بالدعوة للجهاد ضد حزب الله وضد الشيعة عموما. للتفصيل راجع تقرير ممري بتاريخ 6 حزيران 2013 (975): "Following Nasrallah's Statements on Syria Fighting, Calls Emerge for Sunnis to Wage Jihad against Hizbullah, Shi'ites". تم كتابة المستند من قبل H. Varulkar, L. Barkan , R. Green. راجعوا ايضا الملحق أ من هذا البحث- ردود فعل على خطبة القرضاوي.
[3]حول عملية انجرار حزب الله للحرب الأهلية السورية راجع نشرة المعلومات بتاريخ 4 حزيران 2013: "ضلوع حزب الله في الحرب الأهلية في سوريا".