التقارب بين إيران وحماس: صورة للوضع

صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في مقابلة لقناة القدس (قناة القدس الفضائية على اليوتيوب، 30 كانون الأول / ديسمبر 2017)

صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في مقابلة لقناة القدس (قناة القدس الفضائية على اليوتيوب، 30 كانون الأول / ديسمبر 2017)

أمين عام حزب الله حسن نصر الله خلال مقابلته لقناة الميادين اللبنانية (قناة الميادين على اليوتيوب، 3 كانون الثاني / يناير 2018)

أمين عام حزب الله حسن نصر الله خلال مقابلته لقناة الميادين اللبنانية (قناة الميادين على اليوتيوب، 3 كانون الثاني / يناير 2018)

أعضاء الوفد خلال لقائهم وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف.

أعضاء الوفد خلال لقائهم وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف.

عام
  • شهدت الشهور الأخيرة تقاربا في العلاقات التي تربط بين إيران وحماس بعد ثلاثة أعوام من ترديها بسبب الموقف المتحفظ الذي اتخذته حماس من نظام الأسد وإخلاء مقرها في سوريا. ويتمثل هذا التقارب بكثرة وفود حماس التي زارت إيران وفي التصريحات العلنية لكبار مسؤولي حماس حول أهمية ما تقدمه إيران من دعم عسكري لحماس (انظر الملحقين أ و ب.)

حرصت حماس حتى الآن على تغليف تصريحاتها العلنية حول الدعم الإيراني بالغموض، ولا سيما في المجال العسكري، ولكن مسؤولي حماس يكثرون منذ عدة شهور من الحديث في العلن عن الصلات الوثيقة التي تربط بين حماس وإيران، وعن الدعم العسكري الذي يقدمه فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإيرانية لجناح حماس العسكري، حيث ترى حماس أن الدعم العسكري أصبح ذا أهمية متميزة في الفترة الحالية أمام زيادة التوتر مع إسرائيل إثر “تنقيط” القذائف الصاروخية منذ إعلان ترامب وهدم إسرائيل لبعض الأنفاق الهجومية، حيث ترى إيران أن الأحداث التي تلت إعلان ترامب توفر فرصة يمكن انتهازها لدعم مصالحها. وعلى هذه الخلفية يمكن بتقديرنا توقع قيام الإيرانيين ببذل جهود هدفها ترجمة الفرصة الحالية إلى زيادة الدعم العسكري الإيراني المقدم لكل من حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.

مجالات الدعم الإيراني
  • تعتبر إيران حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين مركزي قوة هامين على الساحة الفلسطينية، يمكنانها من دفع أهدافها الإقليمية، كما أن تزويد التنظيمين المذكورين بالقذائف الصاروخية يساعد على ردع إسرائيل، وذلك عبر إيجاد تهديد بالقذائف الصاروخية والصواريخ على حدود إسرائيل الشمالية (من لبنان، وقد يكون من سوريا أيضا في المستقبل) وفي الجنوب (قطاع غزة).
  • يستمر دعم إيران العسكري لحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين متراجعا تارة ومتناميا تارة أخرى منذ عشر سنين، ومن المحتمل تسارعه أمام التطورات الحالية، وضمن أربعة مجالات رئيسية:
    • توريد الوسائل القتالية المتطورة (ومنها قذائف صاروخية تهدد وسط إسرائيل وجنوبها).
    • نقل الأموال اللازمة لتمويل إنشاء البنى الأساسية العسكرية والتشغيل المتواصل للقوة العسكرية.
    • نقل الخبرة التقنية بهدف تطوير وإنتاج الوسائل القتالية (بما فيها القذائف الصاروخية).
    • تدريب العناصر (بعد إخراجهم من قطاع غزة) من قبل فيلق القدس التابع لحرس الثورة.
أسباب التقارب
  • ما هي أسباب التقارب بين حماس وإيران؟ ولماذا نال الدعم الإيراني للتنظيمات الإرهابية الفلسطينية مثل هذا القدر الكبير (والاستثنائي) من الكشف أمام الإعلام في الآونة الأخيرة؟ نرى أن ثمة عددا من الأسباب:
  • شعور إيران وقاسم سليماني وفيلق القدس بالنصر في العصر ما بعد سقوط الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، حيث يبدو أن إيران خلت للانشغال الزائد في الساحة الفلسطينية أيضا، وقد يكون ذلك عائدا إلى تقدير يقول بأن الظروف قد تهيأت لذلك الآن. وفي هذا الإطار يمكن توقع جهود إيرانية هدفها الارتقاء بالقدرات العسكرية التي تتحلى بها حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين ومساعدتهما على زيادة نشاطهما الإرهابي الموجه ضد إسرائيل. ومن المتوقع أن يكون تنظيم حزب الله هو الآخر شريكا في هذه السياسة.
  • لقد وفر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل (6 كانون الأول / ديسمبر 2017) فرصة أخرى لإيران لتأكيد دعمها للفلسطينيين والانضمام إلى جهود حماس لإثارة انتفاضة جديدة ضد إسرائيل في الضفة الغربية، علما بأنه في أعقاب إعلان ترامب تحدث قاسم سليماني قائد فيلق القدس مع مسؤولي الجناحين العسكريين لحماس والجهاد الإسلامي في غزة معربا عن استعداد إيران لدعمهما بأي طريقة ممكنة (تسنيم، 11 كانون الأول / ديسمبر 2017)؛ فارس، 25 كانون الأول / ديسمبر 2017).
  • التعديلات الطارئة على قيادة حماس: قد يكون ارتقاء مسؤولي الجناح العسكري إلى مواقع النفوذ إثر الانتخابات الأخيرة، وبالأخص يحيى السنوار، قد ساهم هو أيضا في الاقتراب من إيران، ذلك أن يحيى السنوار ومسؤولي الجناح العسكري مدركون جيدا لحاجة حماس الماسة إلى الدعم العسكري الإيراني، ولا سيما في الفترة الأخيرة، أمام التوتر المتزايد الذي يسود بين حماس وإسرائيل على أثر إطلاق القذائف الصاروخية من القطاع. وقد تكون التصريحات العلنية الخاصة بالدعم الإيراني لحماس دليلا على كون قيادة حماس الحالية على استعداد لإعلان استعانتها بإيران عسكريا، حتى لو كلفها ذلك المساس بعلاقاتها مع مصر (والتي تعلق عليها أهمية كبرى) وتعرض مسيرة المصالحة الداخلية الفلسطينية لبعض الاضطراب.
الملحق (أ)
التصريحات الخاصة بالدعم العسكري الذي تقدمه إيران إلى التنظيمات الإرهابية الفلسطينية

تصريحات مسؤولي حماس

  • منذ انتخاب يحيى السنوار رئيسا لمكتب حماس السايس في قطاع غزة أصبح يكثر من الحديث عن العلاقات الوثيقة التي تربط حماس بإيران وسط ذكره الصريح لقاسم سليماني وفيلق القدس الذي يقوده، بل قال السنوار إنه خلال اتصال أجراه مع قاسم سليماني في 11 كانون الأول / ديسمبر 2017 وعلى خلفية إعلان ترامب الخاص بالقدس، أعرب سليماني عن استعداده لتزويد حماس بجميع الموارد المطلوبة للكفاح من اجل القدس. وأضاف أن سليماني أكد أن حرس الثورة وفيلق القدس يقفان إلى جانب الشعب الفلسطيني (فارس، 25 كانون الأول / ديسمبر 2017).
  • فيما يلي مزيد من تصريحات يحيى السنوار خلال الشهور الأخيرة:
    • خلال لقاء له مع شباب فلسطينيين في 21 كانون الأول / ديسمبر 2017 عاد السنوار فأكد أن قاسم سليماني على اتصال بجناح حماس العسكري، مشيرا إلى أن الإيرانيين لم يضعوا أية شروط أمام “المقاومة” (أي بشأن تقديم الدعم العسكري) (فلسطين اليوم، صفا، 21 كانون الأول / ديسمبر 2017).
    • وفي لقاء مغلق عقده يحيى السنوار في مقره مع مجموعة من الكتاب والمحللين السياسيين، شكر إيران على دعمها اللا منقطع “للمقاومة”، داعيا الدول كافة إلى دعمها أسوة بإيران (صفحة حسام الدجني على الفيسبوك، 16 آب / أغسطس 2017).
  • وفيما يلي المزيد من تصريحات مسؤولي حماس حول هذا القضية:
    • صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: قال إن الصلة السياسية مع إيران كانت قد تعرضت للأذى عند انفجار الربيع العربي، ولكن حتى خلال الفترة التي بلغ فيها الخلاف أوجه لم ينقطع الدعم العسكري الإيراني. وأضاف أنه رغم قطع العلاقات واصلت إيران تقديم الدعم الرئيسي “للمقاومة”. ونوه العاروري إلى كون العلاقة بإيران تعتمد على كونها الدولة الوحيدة التي تقول إن إسرائيل “كيان سرطاني” يجب اجتثاثه من المنطقة، وهي الدولة الوحيدة المستعدة لتقديم دعم حقيقي وعلني “للمقاومة الفلسطينية”. كما أشار إلى أن ما يتحدث عنه هو دعم عسكري، لا دعم “رمزي”، بل هو دعم حقيقي ورئيسي وحيوي لبقاء “المقاومة” واستمرار عملها (قناة القدس على اليوتيوب، 30 كانون الأول / ديسمبر 2017؛ موقع حركة حماس، 30 كانون الأول / ديسمبر 2017؛ سما، 31 كانون الأول / ديسمبر 2017).
    • وخلال زيارة قام بها لإيران صرح صالح العاروري بأن إيران أهم داعم لجناح حماس العسكري، حيث يتجسد دعمها في كافة المجالات، بل إن إيران هي الداعم الرئيسي والأهم لجناح حماس العسكري، وذلك عبر تطوير قدراته سواء عبر الخبراء أو الدعم المباشر. وأعرب عن أمل حماس في استمرار هذا الدعم حتى القضاء على “الاحتلال” (العالم، 22 تشرين الأول / أكتوبر 2017).
    • وفي مقابلة لخالد القدومي ممثل حماس في إيران، أكد أن صفحة جديدة من العلاقات بين حماس وإيران قد تم طيها في نهاية عام 2016، حيث شهدت الشهور الستة الأخيرة مرحلة جديدة دخلتها هذه العلاقات، والمعتمدة على مبادئ ثابتة وقوية. وشدد القدومي على أن الدعم الإيراني “للمقاومة” لم ينقطع يوما رغم اعترافه بأنه قل خلال فترات معينة، وأضاف أن إيران وحماس تتعاملان مع عدو مشترك متعاونتين على مكافحته، وأن العلاقات بينهما تسير اليوم على الطريق السليم، إذ يتفق الجانبان على التركيز على توسيع التعاون بينهما (إيسنا، 21 حزيران / يونيو 2017).
تصريح للمتحدث باسم الجهاد الإسلامي في فلسطين
  • ضمن مقابلة هاتفية لداود شهاب الناطق بلسان الجهاد الإسلامي في فلسطين أوضح أن دعم إيران للشعب الفلسطيني و”المقاومة الفلسطينية” واضح بشكل خاص خلال الفترة الأخيرة، حيث يقيم قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة اتصالا مع قيادة الجناح العسكري لحماس والجناح العسكري للجهاد الإسلامي في فلسطين. وقال إن سليماني أعرب عن استعداد إيران لاتخاذ جميع الوسائل المطلوبة من أجل الانتفاضة والدفاع عن الأراضي الفلسطينية والقدس (الميادين، 25 كانون الأول / ديسمبر 2017).
تصريح لزعيم حزب الله
  • ذكر زعيم حزب الله حسن نصر الله أنه التقى مندوبي حماس وفتح وتنظيمات أخرى (الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والصاعقة)، حيث أجمعوا على أهمية قضية القدس ووجوب تنظيم المظاهرات وممارسة الضغوط. وقد اعترف نصر الله بما يقدمه حزب الله لهذا الغرض من دعم سياسي ومالي وإعلامي، مشيرا إلى أن إيران أيضا تقدم الدعم، كما فعلت خلال “انتفاضة القدس”، حيث قدمت الدعم المالي للجرحى والأسر التي تم هدم منازلها. وأكد نصر الله أن إيران تدعم جميع تنظيمات “المقاومة الفلسطينية” وهو سبب فرض الولايات المتحدة العقوبات عليها، وأن “المقاومة” في فلسطين في حاجة إلى السلاح والقدرات العسكرية والدعم (يحتمل أن يكون قصد بذلك إيران)، باعتبار ذلك سياسة دائمة لا ترتبط بهذا القرار أو ذاك (الميادين، 3 كانون الثاني / يناير 2018).
الملحق (ب)
زيارات الوفود واللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين

إلى جانب إدلائهم بالتصريحات أكثر مسؤولو حماس خلال الشهور الأخير من عقد اللقاءات بالمسؤولين الإيرانيين. وعقدت هذه اللقاءات في كل من إيران ولبنان وكان نصيب ناشطي حماس “في الخارج” منها كبيرا، ومن المتوقع وصول إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس إلى إيران هو الآخر.

  • وفيما يلي بعض الزيارات التي تمت خلال الفترة الأخيرة:
    • في 20 تشرين الأول / أكتوبر 2017 قام وفد من كبار مسؤولي حماس بزيارة طهران، برئاسة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، واشتراك سامي أبو زهري الناطق بلسان حماس وخالد القدومي مندوب حماس في إيران وعدد آخر من مسؤولي حماس (موقع حماس، 20 تشرين الأول / أكتوبر 2017). والتقى أعضاء الوفد خلال الزيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، ومستشار الزعيم الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولاياتي، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. وفي سلسة من الأحاديث الصحفية أثنى مسؤولو حماس على دعم إيران لحماس، مشيرين إلى أن زيارتهم استهدفت توثيق الروابط مع إيران، مع تأكيدهم أن هذه الروابط لا تأتي على حساب المصالحة الداخلية الفلسطينية.
    • وفي 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2017 وصل وفد عن حماس برئاسة صالح العاروري إلى إيران لتقديم التعازي لقائد فيلق القدس قاسم سليماني بوفاة والده. وكان صالح العاروري قد التقى في لبنان قبل توجهه إلى طهران حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله (فلسطين، 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2017).
    • وخلال شهر آب / أغسطس 2017 شارك وفد من مسؤولي حماس في مراسم أداء الرئيس الإيراني حسن روحاني القسم اليمين الدستورية، وذلك تلبية لدعوة رسمية وردته من إيران، وتم تقديمها خلال لقاء وفد من مسؤولي حماس برئاسة صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحماس بأمير حسين أمير عبداللهيان رئيس دائرة الشؤون الدولية في مجلس الشورى الإيراني ومحمد فتح علي سفير إيران في لبنان (موقع حماس، 2 آب / أغسطس 2017). وجاء في بيان صادر عن مكتب حماس السياسي قبيل مغادرة الوفد، أن حماس تريد عبر إرسالها لوفد عالي المستوى التعبير عن شكرها لإيران على دعمها للكفاح الفلسطيني “والمقاومة الفلسطينية” كما أكدت حماس ما تعلقه من أهمية على تعزيز العلاقات مع إيران (موقع حماس، 7 آب / أغسطس 2017).